ما مدى وعي الحيوانات الأليفة وإدراكهم للبيئة المحيطة بهم
وعي الحيوانات الأليفة Pet consciousness من الموضوعات التي أثارت جدلًا واسعًا بين العلماء، فمنهم من يرى أن الحيوانات لديها وعي يشبه وعي الإنسان، ويرى فريق آخر أن الحيوانات لا مشاعر لها ولا يكون لديها وعي، فمن يا ترى على صواب؟
لا داعي للحيرة إذن حيث يتناول هذا المقال بشكل موسع موضوع الوعي الخاص بالحيوانات الأليفة، ويجيب عن سؤال هل للحيوانات وعي أم لا؟ كما تجد الإجابة عن سؤال هل لدى الحيوانات مشاعر أم لا أيضًا فتابع المقال حتى نهايته لتجد إجابة عن جميع أسئلتك.
حيث تكون الإجابة عن تساؤل هل للحيوانات وعي أم لا أهمية كبرى، وذلك لأنه يحدد طريقة تعاملنا معهم فيميل أغلبنا مثلًا إلى التحدث إلى حيوانه الأليف وإخباره بأننا نحبه ونسأله عن حاله، فهل هذا متعلق بالإنسان فقط أم أن لوعي الحيوانات علاقة بالموضوع.
ما هو وعي الحيوانات Animal Consciousness؟
قبل الإجابة عن تساؤل هل للحيوانات وعي أم لا يجب أن نعرف أولًا ماهية الوعي، حيث يوجد العديد من التعريفات لمفهوم الوعي، فقد يتم تعريفه على أنه المرور بتجربة عقلية، أو امتلاك بعض الخبرات العقلية، كما يتم تعريفه على أنه الشعور بالأشياء
1. تعريفة وعي الحيوانات الأليفة Pet consciousness
إن كنت تمتلك حيوانًا أليفًا فتجد أنه يقوم باتخاذ بعض القرارات مثل فتح الباب والولوج إلى بعض الأماكن المسموح له بالدخول إليها، ويتوقف عن الدخول إلى الأماكن الممنوع منها حيث يعي أنه قد يتعرض للعقاب إن فعل.
والعكس صحيح فقد يقوم حيوانك الأليف بالقيام ببعض التصرفات التي يلاقي مقابلها التشجيع والاستحسان، فكل هذا يشير إلى أن الحيوانات واعية، وتعرف ماذا تفعل، فهل للدراسات والتجارب نفس الرأي؟
2. شخصية الحيوانات
أشار العلماء إلى أن الحيوانات ليست واعية فحسب، بل تمتلك شخصيات مختلفة تميزها عن بعضها البعض، فمن خلال مراقبة بعض الحيوانات مثل الفيلة والذئاب تم التعرف على الطباع الخاصة بكل حيوان، وأصبح الدارسون يطلقون عليها أسماء تميزها مثل البشر.
فهناك اختلافات واضحة بشخصية الحيوانات حيث تجد بعض الحيوانات الجريئة، والخجولة، والعدوانية، كما تجد صغار بعض الحيوانات أكثر حزمًا، وهذا إن كان يدل على شيء فإنه يدل على أن وعي الحيوانات شيء يمكن الجزم به.
كما أن الأمهات التي تلد لأول مرة تكون أقل خبرة في التعامل مع صغارها من الأمهات التي سبق لها التعامل مع الأطفال، فيكونون أكثر ثقة واسترخاء في التعامل مع المولود الثاني.
ومن الأمثلة التي يرجع إليها الباحثون في إثبات أن للحيوانات الأليفة وعيًا وشخصية مستقلة بها قتال مجموعة من الذئاب، حيث يميل المنتصرون إلى قتل المهزومين، بينما في بعض الفصائل الأخرى تفضل المجموعة المنتصرة الصفح عن العدو.
3. هل للحيوانات مشاعر وعاطفة؟
على حسب الدراسات فإن الحيوانات تظهر التعاطف للمحيطين بها، وهناك العديد من الأمثلة التي تثبت ذلك منها الفيلة، ولها الكثير من المواقف التي أظهرت التعاطف والحب لبعضها البعض وللأشخاص من حولها.
ومن أشهر الأمثلة التي تظهر تعاطف الفيلة للمحيطين بها حراسة امرأة ضعيفة البصر وتائهة، حيث قامت بالالتفاف حولها لحمايتها من الضباع.
كما قامت بعض الحيتان الحدباء بإنقاذ فقمات تعرضت للاعتداء بواسطة الحيتان القاتلة، وتعتبر هذه الأمثلة دليلًا كافيًا عن وعي الحيوانات ومدى عاطفتهم الكبيرة، فهم يقومون بمثل هذه التصرفات على مدار السنوات ويعتبرون هذا شيئًا عاديًا بينما نراه تصرفًا استثنائياً.
دراسات حول وعي الحيوانات الأليفة
توجد العديد من الدراسات حول وعي الحيوانات Animal Consciousness، وقد بدأت الدراسات العلمية التي تحدد ما إن كان للحيوانات وعيًا أم لا في التركيز على بعض التجارب الأساسية.
مثل القدرات المعرفية التي تتعلق بالوعي الذاتي الذي يرتبط بالوعي البشري، وكذلك تجارب الألم، وإليك أهم الدراسات التي تم القيام بها في هذا الصدد لمعرفة ما إن كان للحيوانات وعيًا أم لا:
1. الظواهر الإدراكية
قد يسهم علم النفس الجسدي الدقيق في معرفة طبيعة رؤية الحيوانات للعالم المحيط بهم، وقد قام دونالد جريفين ببعض الاختبارات لمعرفة الحدود البصرية لبعض الحيوانات حتى يتمكن من فهم طبيعة تجاربهم ورؤيتهم للعالم.
فالطيور الجارحة مثلُا لها نقرتان على كل شبكية، والخيول لديها زاوية رؤية 360 درجة، وقد كشف التحليل الدقيق للارتباطات العصبية للوعي عن وجود اختلافات دقيقة في وعي الحيوانات بين الأنواع.
2. اختبار المرآة (الوعي التأملي)
الوعي الظاهري أو الوعي بالذات من أهم سمات الإنسان، وبما أنه من الصعب معرفة ما إن كانت تمتلك الحيوانات الوعي بذاتها أم لا فقد تم عمل اختبار المرآة.
وهو عبارة عن رسم بقعة ملونة على جبين الشمبانزي عندما يخلد إلى النوم، والسماح له بالنظر في المرآة عند الاستيقاظ، وعندما استيقظ الشمبانزي حاول جاهدًا إزالة تلك البقعة من على جبينه.
وبالتالي قد ثبت أن الشمبانزي تعرف على نفسه من خلال المرآة ولم يظن أنه شمبانزي آخر، كذلك محاولته لإزالة البقعة واعتبارها شيئًا غريبًا يثبت وجود الوعي الذاتي لدى الشمبانزي.
وقد نجحت الفيلة في نفس الاختبار، ومن المتوقع نجاحه لدى الكثير من الثدييات الأكثر ذكاءً، كما يكون من المتوقع رصد المناطق الخاصة بالوعي في المخ الخاص بالحيوانات في المستقبل، حيث يقع مقر وعي الحيوانات في الجزء الأعلى من المخ.
3. الألم والمعاناة
من الدراسات التي تم إجراؤها لمعرفة ما إن كان للحيوانات وعي أم لا هي بعض التجارب المتعلقة بالألم والمعاناة، ولكن من المهم الإشارة إلى أن مفهوم الألم نفسه والشعور به مختلفان، فالقدرة على الإحساس من أكثر القدرات بدائية.
وتم التعرف على ما إن كان للحيوان هذه القدرات أم لا من خلال دراسة الخلايا العصبية المسؤولة عن استقبال الألم في اللافقاريات، وقد تم اكتشاف خلايا عصبية متخصصة وظيفيًا لاستقبال الألم في اللافقاريات على الرغم من عدم وجود عمود فقري.
وبالتالي أصبح من المقبول الاعتراف بنظام الألم في الثدييات وأن له مسارين حسي وعاطفي، ويمكن فصله دوائيًا، وعلى هذا الأساس تم الاتجاه إلى تخدير وتسكين الحيوانات قبل إجراء الممارسات الطبية والبيطرية.
4. السفر عبر الزمن العقلي
من مظاهر وعي الإنسان القدرة على التفكير في أحداث الماضي والمستقبل، ويمكن ملاحظة وعي الحيوانات بالزمن من خلال تخزين العديد من الثدييات أو الطيور الطعام مؤقتًا للمستقبل، والهجرة لمناطق أخرى في أوقات مختلفة من العام.
ولكن يرى أصحاب الفكر المضاد ممن يرون أن الحيوانات ليست واعية بأن هذا التصرف يكون غريزيًا، ولكن تم نفي هذا الافتراض وذلك بناء على سلوك حيوان ابن عرس الموجود في أمريكا الوسطى والجنوبية، فهو يقوم بتخزين الموز قبل أن ينضج.
ويقوم حيوان ابن عرس باستعادة الموز الذي قام بتخزينه عندما ينضج وهذا يشير إلى وجود عمليات معرفية، وفهم لما يقوم به الحيوان بالفعل، يمكنكم التعرف على طرق تغذية الحيوانات الأليفة.
الخلاصة
وفي ختام مقالنا عن وعي الحيوانات الأليفة، وأخيرًا تكون الإجابة عن سؤال هل الحيوانات واعية أم لا؟ نعم، الحيوانات واعية إلى حد ما، ويقف تعريف مصطلح وعي الحيوانات على حالة الإدراك الذاتي للحيوان، وإدراكه بتواجد الكائنات الأخرى من حوله.
وهذا يختلف عن وحي الإنسان الذي يعرف بالحساسية، والذاتية، والبراعة، وغيرها من أنواع الوعي التي تصل به إلى الخبرة واليقظة، كما تشير الأدلة إلى أن البشر ليسوا متفردين بامتلاكهم الركائز العصبية المسؤولة عن الوعي، بل تمتلكها الحيوانات أيضاً.
فتركيبة الحيوانات تمتلك الركائز الوظيفية، والعصبية، والتشريحية التي تعمل على توليد الوعي، وبالتالي يمكن للحيوانات إظهار السلوك الواعي الذي نتحدث عنه.